للمشاعر أيضاً أعمار

كل شيءٍ في هذا العالم وُلد بزمن محدد،حتى القلوب التي خُلقت لتُحب، لا تُجيد الحب إلى الأبد.حتى الشوق، وإن بدا أبدياً،له ساعة يذبل فيها كوردٍ نسيه البستاني

نظنّ أن الإعجاب صخرة لا يهزها الغياب،ثم نُفاجأ بأنه مجرّد ظل…ينكسر مع أول غروبٍ لا نُلامس فيه الدفء.نُقاتل من أجل مشاعر وُلدت في لحظة،ونسهو أنها أيضًا قد تُدفن في لحظة.فما أضعف الأشياء التي نُقسم أنها لا تموت

الغضب؟كان بركانًا في صدري.لكنه صار ماءً راكدًا… بلا صوت، بلا لون.ليس لأنه سُكِّن، بل لأنني ما عدتُ أراه يستحق الانفجار.لأنني حين لم أسمع “أنا آسف” في الوقت الذي كان يجب أن تُقال فيه،سمعت داخلي يقول: انسَ… فقد تأخّر كل شيء

أصعب المشاعر ليست التي تموت،بل تلك التي تتجمّد.تُصبح كجمرةٍ مطفأة،تحمل في قلبها ذاكرة النار،لكنها لا تحرق، لا تُدفئ، لا تُضيء

ثم هناك ذلك الشعور المجهول،الذي لا اسم له في قواميس العشّاق،حين نُحب في الاتجاه الخطأ… بصوتٍ واحد، بلا صدى.حين ننتظر رسالة لا تصل،ونبقى خلف أبواب لا تُفتح،نطرق بلُطف، ثم بقلق، ثم بصمت.نُحب وحدنا، كما لو أن الحب واجبٌ دينيّ لا يُنتظر فيه المقابل

لكن كلّ شعور، مهما كان نقيًّا،حين لا يجد حضنًا يسكنه،يتبخّر

ونكبر، لا بالعُمر فقط،بل بالخسارات الصغيرة،بخيباتٍ لم تبكِنا، لكن غيّرتنا.صرنا أصلب، نعم،لكننا فقدنا بعض الرقة، بعض البراءة، بعض الحلم

والتوقيت…آه من التوقيت،ذلك الخائن الأنيق،يأتي بكل شيءٍ جميل بعد أن تكسّرنا،بعد أن أضعنا شهية الفرح،بعد أن صارت القلوب تقف على مسافة أمان من كل شيء

“أحبك” التي قيلت بعد الغياب،تُشبه رسالةً وصلت إلى بيتٍ لم يعُد مسكونًا.و”كنت مشغولاً”؟كم تشبه مفتاحًا صدئًا لبابٍ لم يعُد موجودًا

إياك أن تعتاد

لا تعتدِ على القسوة…فتنسى ملمس الحنان

لا تعتدِ على الغياب…فتُخدر انتظارك

لا تعتدِ على التنازل…فتُباع نفسك بأرخص الأثمان

لا تعتدِ على الخسارة…فتمشي في جنازاتك كل يوم ولا تُدرك أنك الراحل

والأخطر من كل ذلك؟أن تعتاد العيش بلا نبض

الاعتياد خيانة صامتة،يسلب منك قدرتك على الحلم،و يحيلك إلى ظلّ إنسان

عِش بكل ما فيك…اغضب، ارفض، ابكِ، اشتق،لكن لا تصمت طويلاً…فالصمت يُبكّر في موت الأشياء

امنح قلبك لمَن يُجيد الإصغاء إليه،لا لمن ينتبه له بعد فوات الأوان

ففي النهاية…قلوبنا ليست آلات تُشحن كل ليلة،بل شموع…إن انطفأت مراراً، ترفض أن تشتعل من جديد


Leave a Reply

You can add images to your comment by clicking here.

Filled Under: General, Personal, Thoughts