لا تبحث عن الدواء في يد من جرحك
لا تذهب لمن أذاك متوسلًا تفسيرًا أو بحثًا عن عزاء، فهو ليس سوى سرابٍ لن يرتوي منه ظمأ قلبك. لا تنتظر من اليد التي دفعتك نحو الهاوية أن تمتد لانتشالك، ولا من العين التي رأتك تتألم دون أن ترفّ أن تذرف عليك دمعة ندم. بعض القلوب خُلقت من صخر، لا تهتز صدمةً، ولا تلين رجاءً، ولا تشعر سوى بنفسها
ستظن أنك بحاجة إلى حديث أخير، إلى مواجهة تُعيد إليك بعضًا مما سُلب منك، إلى تفسير يمسح الضباب عن روحك، لكن الحقيقة القاسية أن ما تبحث عنه لن تجده عند من أوجعك. سيُشعرك أن الألم لم يكن إلا من نسج خيالك، أن الجرح لم يكن إلا وهْمًا، وسيقنعك أنك أنت المخطئ لأنك سمحت لنفسك أن تتأذى. سيختصر قصتك معه في جملةٍ باردة، وسيمضي دون أن يلتفت إلى الحطام الذي تركه خلفه
وستقف وحدك، مرةً أخرى، لكن هذه المرة لن يكون الجرح هو الذي يؤلمك فقط، بل صدمة أن من أذنب في حقك لا يراك سوى صفحةٍ طواها بلا اكتراث. ستفهم حينها أن بعض الناس لا يعترفون بآثار أقدامهم فوق القلوب، وأن البعض يمضي وكأنك لم تكن يومًا جزءًا من طريقه، وكأن الوعود التي قيلت لم تكن سوى كلماتٍ في مهبّ الريح
لكن الحقيقة الأهم، أنك لست بحاجة إلى اعترافٍ منهم كي تبرأ. الشفاء لا يكون باعتذارٍ يُلقى على استحياء، ولا بكلماتٍ تُقال بعد أن تفقد قيمتها. الشفاء هو أن تدرك أن بعض الجروح لا تحتاج لمن يداويها، بل لمن يتركها تلتئم وحدها، بعيدًا عن اليد التي سببتها
لا تبحث عن العدالة في قلبٍ لم يعرف سوى الجفاء، ولا عن المواساة في عينٍ لم تتعلم سوى التحديق في انعكاسها. أنت الدواء، وأنت العزاء، وأنت اليد التي ستربّت على كتفك عندما يتركك الجميع. لن يعود الماضي ليعتذر، ولن يتحول القاسي إلى حنونٍ من أجل دمعةٍ سقطت من عينك، لكنك ستنجو، لأن النجاة قدر من امتلك الشجاعة أن يُغلق الأبواب خلفه دون أن ينتظر فتحها من جديد
فامضِ، ولا تلتفت. لا تبحث عن الرحمة حيث لا تُزرع، ولا عن الدواء في يد من كان داءك
خذها قاعدةً لا تقبل الشك
عُمر الذي أذاك، ما كان يومًا ليكون دواك