في حياة كلّ امرأة لحظة تستيقظ فيها من سُباتها العاطفي، لا لأنّها أرادت ذلك، بل لأنّ أحدهم، يوماً، نظر في عينيها بكلّ برود العالم، وقال لها، دون أن يقول شيئًا: “أنتِ لستِ ما أبحث عنه

في تلك اللحظة، يتوقّف الزمن

يتجمّد الحُلم عند ضفّة الحقيقة، وتُطفأ الأغاني، وتُخرس العصافير. تتبدّل الألوان، وتفقد الذاكرة قدرتها على الانتقاء، فتتذكّر كلّ التفاصيل الصغيرة التي تودّ نسيانها، وتنسى اللحظات الجميلة التي كانت تبني بها الوهم

كنتِ في أفضل حالاتكِ يومها

في أقصى نضوجكِ، في أنقى حضورك، بعينيكِ المُضيئتين بأمل الحب، بصبركِ، بتفانيكِ، بضحكتك التي كنتِ تظنين أنّها وحدها قادرة على إنقاذ هذا العالم منه. كنتِ الحبيبة التي تحفظه عن ظهر قلب، التي تقرأه في صمت، وتترجمه إذا لزم الأمر، إلى قصيدة لا يفهمها سواكِ

لكنّكِ، ببساطة، لم تكوني كافية

ليس لأنكِ ناقصة، بل لأنّه أعمى القلب، لا يرى. لأنّه أضاع بوصلته العاطفية، فصار يطلب الورد في حقول الحصى، ويرجو الدفء من جليد العابرين

تعلمين، يا امرأة، أنّكِ في الحب لستِ ميزانًا يُوزن به الصواب والخطأ، ولا معيارًا يُقاس به الكمال. الحب ليس امتحانًا تجتازينه بدرجة “كافية”. الحب أن تجد من يراكِ في انكسارك بهجة، في حزنك عزاء، في ضعفك قوّة. من يراكِ حين تنهارين، وتظنين أن العالم قد انكسر بكِ، ويقول: “تعالي، أنا الوطن

ذلك هو الشخص المناسب. ذلك الذي يراكِ في أسوأ حالاتكِ، وبدلاً من أن يتراجع خطوة، يتقدّم بخطوتين. يمسك بيدكِ، لا ليسندكِ فقط، بل ليكمل بكِ ما تبقّى من الطريق. لا يخشى دموعكِ، بل يخبّئها بين أصابعه، ويعدكِ بأن يجعلها مطرًا يُزهر قلبكِ من جديد.

كم مرّة، في ليالٍ متأخرة، تساءلتِ: ماذا لو لم أكن كافية؟

لكن الحقيقة يا حبيبتي ليست في “كفايتك”، بل في “اختياره”. أنتِ لم تكوني النقص، بل كنتِ الزيادة التي لم يعرف كيف يحتملها. كنتِ زهرًا في غير موسمه، وماءً في صحراء لا تعرف معنى الحياة

وليس ذنب الزهر أن لا يُقدّر العابرون عطره، ولا خطيئة الماء أن لا يروي من لا يعرف كيف يشرب

الحب، يا صديقتي، لا يحتاج إلى اجتهاد حتى تكسبي قلبًا لا يعرف كيف يحب. لا ترهقي قلبكِ في إقناع من لم يُخلق ليبصركِ. فالشخص الخطأ، لن تفيه كلّ القصائد. والشخص المناسب، تكفيه نظرة صامتة، فيراني ويكفيني

ثقي أنّكِ في رداءكِ البسيط، في شعركِ المتعب، في صمتكِ المبلّل بالخذلان، أبهى مما كنتِ في أفضل حالاتكِ معه

فلا تبحثي عن ذاتكِ في مرايا الآخرين. المرايا كثيرة، لكنّ الحقيقة واحدة

أنتِ كافية، بل أكثر. فقط لمن يستحق


Leave a Reply

You can add images to your comment by clicking here.

Filled Under: General, Thoughts