…عشانك
في الحب، هناك كلمات تُقال لأنها ضرورية للحوار، وهناك كلمات تُقال لأنها ضرورية للحياة. عشانك ليست جملة عابرة، إنها حالة وجدانية كاملة، اعتراف غير مباشر بأنك تستحق، بأنك لست عابرًا في حياة أحدهم، بل جزء لا يكتمل العالم دونه. أن تسمعها يعني أن هناك من يراك، من يشعر بوجودك بطريقة تتجاوز الكلمات، من يجد فيك سببًا كافيًا ليغيّر عاداته، ليؤجل مواعيده، ليعيد ترتيب يومه، ليخطط للمستقبل واضعًا اسمك في منتصفه
ليست كل الكلمات متساوية. هناك كلمات تُقال لأن العادة تفرضها، وهناك كلمات تُقال لأنها جزء من كيان قائلها. “تصبح على خير”، “كيف كان يومك؟”، “اعتني بنفسك”… أحيانًا تكون مجرد ألفاظ، وأحيانًا تكون حبًا متخفيًا في جمل يومية. لكن “عشانك”، هذه الكلمة لا تُقال بلا إحساس، لا يمكن أن ينطقها أحد دون أن يكون لها أثر على حياته، دون أن يكون قد أعاد حساباته مرة، وقرر أن يمنحك جزءًا من وقته، من أفكاره، من روحه، بلا تردد
أن يقول لك أحدهم: “ما كنت ناوي أجي، بس أجيت عشانك”، “كنت تعبان بس سهرت معك عشانك”، “مشيت كل هالمسافة بس عشانك”، هي أشياء قد تبدو صغيرة، لكنها في الحقيقة أعمدة يبنى عليها الحب. لأن الحب ليس بالهدايا الغالية، ولا بالوعود المبهرة، الحب هو المسافات التي يُقطع بعضها لأجلك، الوقت الذي يُقتطع من أجل وجودك، التضحية بالأشياء البسيطة التي تبدو غير مهمة لكنها تحمل كل المعاني
أجمل أنواع الحب هي التي لا تحتاج إلى إعلان، التي تتسرب إليك عبر المواقف لا الكلمات، التي تجعلك تشعر أنك لست وحدك في هذا العالم، أن هناك من سيكون موجودًا إن احتجته، دون أن تطلب منه، دون أن يكون مضطرًا، بل لأنه يريد ذلك، لأنه يراك بطريقة لا يراك بها أحد
عشانك كلمة تختصر الحب كله، هي كل التضحيات الصامتة، كل الرسائل المرسلة دون مناسبة، كل المرات التي غيّر فيها أحدهم خططه دون أن يخبرك، فقط لتبقى سعيدًا. لهذا، حافظ على من يقولها لك دون أن تطلبها، من يمنحها لك بصوت صادق، لا كمجاملة، لا كواجب، بل كحقيقة يشعر بها. لأن الحب الصادق لا يُطلب، ولا يُفرض، الحب الصادق دائمًا يُمنح… ببساطة، عشانك